ضع اعلان هنا

اخر الاخبار

الديمقراطيه


الديمقراطية



كلنا ننادي بالديمقراطيه ونريدها مطلبا لحياتنا واجيالنا القادمه, كنظام يسود في حياتنا ويطغي على كل تعاملاتنا وتصرفاتناوعلاقاتنا الاسريه والخاصه وعلاقات العمل والعلاقات الدوليه.في الحقيقه أن التجربة الا ثينية تمثل نموذجًا سياسيًا يحتاج إلى كثير من التعمق فيه، فهي مبعث لكثير من الاستنتاجات والأفكار، والتأملات التي تستحق منا بعض التمحيص .



 لقد ظهر مصطلح الديمقراطية لأول مرة ببلاد اليونان القديمة ويعني حكم الشعب. وقد بلغت الديمقراطيةعصرها الذهبي في اثينا مابين عامي 460 و429 قبل الميلاد.وقد عرف بالنظام الديمقراطي الأثيني. فكلنا  يعرف ان اعظم ديموقراطيه في التاريخ هي الاثينيه والتي تصنّف من قبل أغلب المؤرخين كأول ديمقراطية في تاريخ البشرية ولكن هذه الديمقراطيه تشوبها العديد من النقائص ولعلّ أبرزها إقصاء النساء والعبيد من المشاركة في الحياة السياسه.فهي نموذج  للحكم الديمقراطي في ذلك الوقت، ولقدشرح ذلك الفيلسوف(أرسطاطاليس) في كتبه  عند الديمقراطية الأثينية وما لها وما عليها. وعلى الرغم من قدم هذه التجربة التي ترجع إلى ما يقرب من 25 قرنًا من الزمان، فإنها لا تزال مثالاً فكريًا يعجب به كثيرون بوصفه أفضل النظم الديمقراطية من حيث التمثيل المباشر للشعب، لأنها قد حكمت أثينا وغيرها من الدويلات اليونانية بشكل سلس، ولكن الثابت أن هذه التجربة الديمقراطية العميقة انتهت إلى نظام ديكتاتوري عقب مأساة الهزيمة العسكرية.لقد بدأت أثينا رحلتها السياسية، شأنها شأن الدول الأخرى بنظام ملكي، ومع التطور الاقتصادي بدأت الطبقات المختلفة تسعى لدور في التنظيم السياسي للدولة الأثينية، وهو ما دفع النبلاء لتكوين مجلس لهم استطاع مع مرور الوقت  على  تقليص سلطات ا للملكبعد زياده قوة النبلاء ونفوذهم، خاصة بعدما طبّقت أثينا نظامًا أشبه ما يكون بالنظام الرأسمالي سيطرت فيه طبقة النبلاء على ااقتصاد  البلاد، فان  الطبقة الدنيا  وهي الطبقه الفقيره هي التي دفعت الثمن لانهاقد أفلست ابسبب المديونية التي أدت لتحولهم من مزارعين إلى عبيد مع مرور الوقت بسبب الديون، وهو ما بات يهدد الطبقة الوسطى أيضًا. وقد كان ذلك كفيلاً بدفع التغيير السياسي في هذه الدويلة تدريجيًا إلى احداث الإصلاحات على النظام السياسي اليوناني. وهو ما أدى إلى سلسلة من القرارات التي قبلتها طبقة النبلاء على مضض شديد، وكان على رأس هذه الاصلاحات, إنشاء «مجلس الأربعمائة» للمساهمة في الحكم بما يسمح بدخول الطبقة الوسطى والدنيا في النظام السياسي، كما أنشئت «محكمة عليا» مفتوحة للجميع يصار إلى انتخابها من بين المواطنين، إضافة إلى إلغاء العبودية الناتجة عن المديونية وتحديد ملكية الأراضي ومنح المقيمين حق المواطنة، إن هذه الإصلاحات قد  ساهمت بدور أقوى للطبقات المختلفة، لكنها لم تسيطر بالكامل على نفوذ طبقة النبلاء وقوتهم. ومنعًا لتفاقم الأوضاع، لجأت القيادة الأثينية إلى سياسة توسعية جديدة لمحاولة توحيد دويلتها عبر الاستيطان والسيطرة على الدويلات الأخرى المجاورة، ومع ذلك، فإن هذا لم يمنع من ظهور الديكتاتورية مرة أخرى، في العصر المعروف بـ«عصر الطغاة». وعلى الرغم من بزوغ نجم (بيزيزتراتوس) بوصفه نموذجًا لـ«المستبد العادل»، فإن سياساته لم تستطع احتواء التوترات الطبقية في البلاد، ثم زاد الأمر سوءًا بعدما ورث ابنه الحكم وكان مثالاً للعنف والدموية. هذا الوضع أدى لتكاتف الجميع تحت قيادة أحد النبلاء يدعى (كلايسثينيس) الذي استطاع وضع حد للسلطة المطلقة بالانقلاب على آخر الطغاة، وصياغة نظام سياسي استحق عنه  لقب «أبو الديمقراطية الأثينية». كلايسثينيس وسع مجلس الأربعمائة فاصبح يضم خمسمائة عضو يصار إلى اختيارهم بالقرعة، وهو ما شكل بداية لمفهوم السلطة التنفيذية، حيث تنبثق عنه عشر لجان معنية بإدارة الدولة  على رأسها المحافظون في المدن المختلفة، وذلك دون انتقاص من سلطات مجلس النبلاء بوصفه أداة شبه تشريعية يحق لها رفض أو قبول مقترحات وسياسيات مجلس الخمسمائة. كذلك نصت التعديلات على تنظيم الانتخابات لهذه المناصب بشكل دقيق منعًا للتفرد في القرار، وأصبحت الجنسية حقًا للجميع على أساس الإقامة في أثينا. وبهذا بدأت هذه الدويلة في تطبيق الديمقراطية المثالية المباشرة بما يمثل نموذجًا يكاد يكون فريدًا في التنظيم السياسي عبر التاريخ.بعدها، وصل هذا النظام إلى قمته خلال حكم الزعيم اللامع الحكيم بيريكليس، الى ان اصبح  النموذج الديمقراطي الأكثر تنظيمًا في أثينا، وصار يحقّ للمجلس اقتراح القوانين. كما نظّم بيريكليس ما هو معروف ب(مجلس جنرالات) تختاره الجمعية، وهو ما يعدّ تطورًا أكثر تنظيمًا للسلطة التنفيذية في البلاد. وتولى بيريكليس قيادة هذا المنصب الذي يوازي اليوم رئيس الوزراء في النظم البرلمانية، الذي بدأ يعدل سلطات مجلس الخمسمائة تدريجيًا بشكل يحافظ على النظام السياسي وتوازناته منعًا لأي جهة أو شخص من الانفراد بالسلطة.أيفهو أول نظام يضع معايير التوازن وتوزيع السلطات، خاصة بعدما صاغ نظامًا قضائيًا أكثر تنظيمًا وشمولا  تحت إشراف المحكمة العليا، وجرى تثبيت نظام المحلفين بالقرعة بحيث تؤخذ قرارات المحاكم من خلال حكم المواطنين أنفسهم بالأغلبية المطلقة. ومن هنا اقتبس نظام المحلفين  المتبع في كثير من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا.وقد كان من الممكن أن يستمرّ هذا النظام بشكل طبيعي ولمدة زمنية طويلة، إلا أن واقع السياسة كان عكس  ذلك. وكان هناك عاملان أساسيان أثّرا مباشرة في زوال الديمقراطية الأثينية: الأول كان الصراع مع الإمبراطورية الفارسية عندما حاولت الأخيرة احتلال اليونان فدخلت معها في حروب ممتدة انتهت بتحالف الدويلات اليونانية لإلحاق الهزيمة  بالفرس بعد سلسلة من المعارك الشهيرة غير أن هذه الحروب  أضعفت أثينا بشكل كبير ووضعت عليها الضغوط الاقتصادية والسياسية.أما العامل الثاني الذي دمّر هذه التجربة الناشئة، فكان من صنع أثينا ذاتها بعدما لجأت لسياسة توسّعية وصفتها الكتب التاريخية بأنها سياسة إمبريالية إذ سعت هذه الدولة لاحتلال الدويلات الأخرى والسيطرة، مما دفع كثيرا من هذه الدويلات إلى تطبيق مبدأ توازن القوى من خلال التحالف مع عدوّ أثينا المتمثل في دويلة إسبرطة، التي خشيت أن تؤدي هذه السياسة التوسّعية إلى القضاء عليها، فبدأت ما هي معروفة بـ«الحرب البيلوبونية».وهكذا وئدت التجربة الديمقراطية اليونانية وعادت أثينا مرة أخرى إلى نموذج الحاكم المستبد ، وخرجت هذه الدويلة من التاريخ الفكري والسياسي ولم تعد إليه مرة أخرى. لكن فكرة الديمقراطية كانت قد نبتت في الأذهان وصارت جزءًا من النسيج الثقافي والتراث اليوناني إلى أن أنهضتها الظروف السياسية الغربية مجددًا بفضل عوامل التغير الاجتماعي والسياسي والثقافي في بداية القرن السادس عشر، حتى رسخت مفهوما للفكروالتطبيق السياسيين ولكن بشكل مختلف بحلول القرن العشرين.
 


ليست هناك تعليقات